Sunday, July 8, 2012

قراءة سريعة فى تاريخ إدارة الدولة فى مصر







قراءة سريعة فى تاريخ إدارة 
الدولة فى مصر



للكاتب الأميريكى الأشهرn مقولة حكيمة تذهب هكذ:

MARK TWAIN 

 " من لا يقرأ لا يختلف عن من لايعرف القراءة " 

وحكمة القول تكمن فى جوهر العبارة وليس فى ظاهرها  .. وهى كالمعادلات الجبرية لجهابذة العرب فى القرون الوسطى يمكن البناء على أسسها فى تصميم الصواريخ المدارية , وناطحات السحاب فى دبى وماليزيا.

ودارس التاريخ يعلم يقيناً أن من لم يقراوأ التاريخ لا يستطيعوا قراءة الحاضر ولا يستطيعوا استشراف المستقبل. والذين قراوأ تاريخ ثورات الشعوب قراءة متقنة متأنية كانوا على بصيرة تحديداً بمعالم طريق تعثر ثورة التحرير بل استشرفوها وكتبوا عنها ولكن يبدو أن مقولة ابن خلدون
 " للجهل صخب ألف بوق ,, وللمعرفة واحد على استحياء "
جاءتنا مارقة لم يرها إلا من قرأوا التاريخ وكانوا على بصيرة بأحكامه.

وفى قراءة سريعة لتاريخ مصر الحديث (النصف الثانى من القرن العشرين) شد انتباهى ظاهرة الفساد الإدارى قبل انقلاب ناصر العسكرى على آخر ملوك عرش مصر (فاروق الأول لأن أحمد فؤاد الثانى لم يجلس على العرش بل كان طفلاً فى المهد وبعد خلع فاروق نصب ملكاً قاصراًعلى عرش الوصاية.)

كانت تركة العرش فساد إدارى رآه ناصر ثقيلاً ولو قدر له العلم بفساد فرعون مصر لخاسئ ربما ما قام بانقلابه على عرش فاروق. واستعان الكولونيل ناصر ذى الكفاءة الإدارية المحدودة برجال كانوا على أرفع درجات العلم بمبادئ تنظيم وإدارة الدولة العصرية بعضهم كانوا ممن استعان بهم كونراد إيديناور والذين أعادوا بناء ألمانيا فى 
سرعة مذهلة بعد انهيارها فى الحرب والبعض الآخر كانوا من أبناء مصر الذين بنوا صروحها الاقتصادية.

وكان الفساد عاماً فى أساسات هيكل الدولة المصرية وفى كل فروعها كما رآها الكولونيل الثائر ولم يعرف كيف يقضى عليه. وكان مستشاروه من ألمانيا الاتحادية على بينة بأن أي محاولة للقضاء الفورى تعنى هدم صروح الهيكل التنظيمى العام لإدارات الدولة فأشاروا إليه بإنشاء جهازين رقابيين فقط تكون كل كوادرهما من المخلصين من أولى الكفاءات فى كل ميادين المعرفة من خارج الهيكل التنظيمى العام ومنحهم سلطات بوليسية ونيابية قضائية وتجهيزهم بكل سبل التكنولوجيا المتاحة لرصد منابع ومعاقل الفساد وضبطها ومحاكماتها. وعليه أنشئ الجهاز المركزى للمحاسبات وهو يعادل 
(Public Accountability Office)
  وعززه بجهاز الرقابة الإدارية وهو يعادل
 (Office of the Inspector General) 
فى الولايات المتحدة.

وإن كنا لسنا فى قراءة تحليلية لنهج ناصر السياسى إلا إن كل شواهد تاريخ مصر لإدارى تشير إلى أن الجهازان حققا كثيراً من مآربهما فى فترة حكم ناصر. ثم لازمت صراعات القوى فى عصر خليفته أنور السادات أن تحولت أجهزة الدولة القوية إلى خلايا لتلك الصراعات وأسيئ استخدام سلطاتها التى حددها لها القانون وباتت كابوساً ثقيلاً على فساد السادات الذى قام بتقليمها فانتشر االفساد فى الأجهزة ذاتها كالنار فى الهشيم ولازم عصر كبير كهنة النهب فى تاريخ مصر الحديث , الفرعون المخلوع.

وتلك القراءة السريعة تمكننا القول بأن من أكثر أولويات الرئيس الجديد إلحاحاً ضرب الفساد فى مقتله بإعادة هيكلة وتنظيم جهازى الرقابة الإدارية والمحاسبات ومنحهما سلطات أسطورية لرصد وتعقب وبتر الفساد من جذوره من أجل تطهير مصر. وذلك تكون كصيد طائرين بحجر واحد , ضرب الفساد وحفظ الهيكل الإدارى للدولة من الانهيار.